ككل يوم يقلني فيه "مترو الأنفاق" , جلست بمكاني المفضل وسعدت انه كان خالياً ينتظرني فقلّما يحدث ذلك. جلست باخر مقعد بعربة السيدات وهو مكان منعزل الي حد ما عن باقي العربة حيث يقل فيه الازدحام قليلا وهو موقع استراتيجي يتيح لي من التأمل ما يكفيني لكسر ملل الطريق وحيث اري العربة كلها أمامي : الراكب والنازل, الواقف والجالس.
كانت تجلس هي أمامي , منهمكة فيما تفعله , فتاة في العشرينات من عمرها , كانت تغزل بيديها قطعة من خيوط "الكوريشيه" استطعت ان أخمن انها جزء من "حقيبة يد" كالتي كانت تحملها.
استطيع ان اقول انها كانت بارعة فيما تفعل وذلك من ملاحظتي لحركة يديها المحكمة السريعة والتي ذكرتني بحركة يد والدتي وأعادتني سنوات وسنوات الي الوراء, ومنذ اكثر من العشر سنوات حين كانت والدتي لاتزال بصحتها ولديها القدرة علي ممارسة هواياتها.كانت تمتلك موهبة حقيقية ويد بارعة في تلك الأعمال ك"الكوريشيه" و ال"تريكو" وال"الكانافا".
استطيع ان اقول انها كانت بارعة فيما تفعل وذلك من ملاحظتي لحركة يديها المحكمة السريعة والتي ذكرتني بحركة يد والدتي وأعادتني سنوات وسنوات الي الوراء, ومنذ اكثر من العشر سنوات حين كانت والدتي لاتزال بصحتها ولديها القدرة علي ممارسة هواياتها.كانت تمتلك موهبة حقيقية ويد بارعة في تلك الأعمال ك"الكوريشيه" و ال"تريكو" وال"الكانافا".
أتذكر ذلك ال"تايير" الذي صنعته لي والدتي وانا بالمرحلة الابتدائية, "بلوفر" و"جيب" قصير من الصوف, حِسها الراقي في اختيار الألوان وتناسقها مع التصميم الرائع جعل منه تحفة فنية كنت أشعر بجمالها وانا أرتديه وكانت تأخذ عين كل من يراه فيسألني "من أين؟!" وغيره الكثير والكثير من التاييرات والأشياء الأخري الرائعة كتلك ال"كوفية" التي لازلت أحتفظ بها الي الان بدولاب ملابسي والتي صنعتها لي والدتي خصيصاً وبناءً علي طلبي والتي لازالت تحمل عطر سنواتٍ كم افتقدها اليوم.
لازلت أتابع الفتاة تغزل وتغزل وأنا أسرح وأسرح وأتذكر تابلوه الكانافا الذي أعلقه في غرفتي والذي صنعته أمّي بيديها الجميلتين الرقيقتين والذي يحمل قيمةً عندي اغلي من لوحة "الموناليزا" فيكفي ان يد امي هي التي صنعته ويكفي أنه يحمل ذوقاً رفيعاً وموهبة رائعة.
استخدمت الفتاة الواناً جميلة متناسقة كتلك التي كانت تستخدمها أمي , وحتي انواع الخيوط التي كانت تستخدمها أمي كانت من أجودها واغلاها لأنها كانت تقدر ما تفعله وكانت تحب أعمالها وتعتز بها.. ولم تكن أمي تصنع هذه الاشياء لتبيعها أو لتعرضها وانما كانت تسرق لحظات من الوقت وزحمة الحياة لتمارس هوايتها وتعبر عن نفسها في صورة فنية ربما ورثتها بشكلٍ أو باخر عنها.
لمدة تطول عن النصف ساعة وانا اتابع الفتاة وهي تغزل وكأنما كانت تغزل بيديها لوحة من الذكريات بعقلي ومن المشاعر الدافئة بقلبي , حيث أعادتني الي أشياء ربما كانت صغيرة ولكنها كانت تحمل من القيمة ما يجعلها الان شيئاً ثميناً غالياً, ربما لم اكن أشعر بقيمتها وانا املكها وربما انني لم أعلم كم كانت مهمة الا بعد أن فقدتها.
نظرت الي وجه الفتاة الشاب الممتليء بالحياة والأمل والي حركة يديها النشيطتين ورأيت فيها صورة أُمي منذ سنوات وقلت في نفسي
"تُري كيف ستكونين بعد سنواتٍ من الان؟!
هناك 11 تعليقًا:
عارفة أنا قريت البوست ده كام مرة؟؟
وكل مرةأكتب تعليق مش بلاقي شئ يستحقه
هو دعاءواحد فقط
ربنايحفظ لك والدتك ويديم لها الصحة ويديمك ابنة بارة بها:*
سعيده جدا بالتعرف على مدونتك
جميله جدا بدايه من اسمها اللى بحبه جدا لان شخصيه سنووايت هى الثلج الابيض رمزا للشفافيه والنقاء وطيبة القلب وحب الناس وكل مامتمثله هذه الشخصيه الكرتونيه بالاضافه الى اسمها الجميل وعلى فكره ....انا كنت بفكر اسمى مدونتى سنووايت وبعدين عدلته الى نبضات تحياتى على اختيار الاسم
وتحياتى مره اخرى ....على الموسيقى الرقيقه بتاعت عمرو خيرت والتى احبها جدا خصوصا هذه المقطوعه من مقطوعاتى المفضله وتحياتى للمره الثالثه ....على روح المدونه وشعاراتك الجميله اللى كلها تفائل وامل ورومانسيه واحساس عالى وعمق فى الدخول فى قلب الاشياء. انا بتفقد مدونتك الان وقرات بوستك الاخير ولكن بسرعه حعلق لك عليه لما اقرائه بتمعن بس بجد
سعيده بمعرفة مدونتك
ونورتى مدونة نبضات ودائما فى انتظار تعليقاتك عندى
تحياتى
نسيت اقولك ان روح كلماتك وكتابتك جميله جدا
جميلة هى الاشيتاء التى دائما نرى فيها اغلى الناس واقربهم الينا
ربنا يحفظ لك والدتك
دمتى بكل خير
انا ايضا كانت تعمل والتى بهذا الكورشيه و طالما لبست انا و اخونى من يدها فى طفولتنا و لكنها مع انشغال الحياه اصبحت ذكرى فى الماضى
اشكرك لانك جعلتيننى اذكر بعض من ذكرياتى الجميله
تحياتى
شهرزاد**
ربنا يكرمك علي الدعاء وساعات فعلا مش بنلاقي كلام يستحق اننا نقوله لما يكون اللي بنتكلم عليه حد غالي اوي وعزيز اوي علينا.
نبضات**
ميرسي ليكي علي كلامك الجميل ونورتي مدونتي بتعليقك
قطة الصحراء**
والاجمل انها تكون ذكريات جميلة
رانيا**
الشكر لكل من ترك لنا ذكري جميلة
لغتك جميلة واسلوبك مميز ,لو كانت تلك قصة قصيرة فاري انها فقط احتاجت بعض عناصر القصة القصيرة ,لكن طبعا لو كان فقط محاولتك تصوير مشهد اثار اهتمامك فقد تمكنتي من تصويره امام اعين القارئ بصورةمميزة ..
علي فكرة انا برده اعجبني جدا اسم المدونة فهي ترجعنا بالذاكرة لجو الحواديت حيث ايام الطفولة الجميلة
تقبلي مروري
الفارس الملثم:
هي مش قصة قصيرة فقط محاولة لتصوير مشهد اثار اهتمامي واثار ذاكرتي
اشكرك علي كلامك
وعلي فكرة اسم المدونة كانت بداية فكرته من كلمة قالتها لي "شهرزاد" وطبعا لان مفيش حد منا لم يعرف قصتها ولم يعش بخياله معها
إرسال تعليق