الأحد، يونيو 07، 2009

شعور طاريء


شعور صعب أن تفتقد أشيائك , وشعور أصعب أن تفتقد أحد أحبائك , وشعور قاتل أن تفتقد ذاتك. أن تفتقد في نفسك أجمل ما فيها , برائتها , أن تفتقد في روحك خفتها وقد صرت تشعر بثقل حملها معك أينما ذهبت. وهو شعور قاتل قتلا لذيذا , فلا تشعر معه بأنك ترفض فكرة الموت ولكنك تستثيغها وتتقبللها علي الرغم من كل الام الشوق الي ذاتك التي تعاني منها في صمت والتي تداهمك فجأة دون أن تدري , ودون حتي أن تعلم أسبابها.


سنووايت أيتها المدونة المهجورة , التي صرت اسمع فيها صدي صوتي كلما خطوت خطوة واحدة داخلها, والتي صرت ألمح خيوط العنكبوت فوق جدرانها , أفتقدك

الجمعة، مارس 13، 2009

خمسةوأربعون يوما في شيكاغو1


اليوم الأول
القاهرة-لندن-شيكاغو

((عندما خطوت خطواتي الاولي خارج مطار اوهير بشيكاغو , شعرت وقتها وكأن أحدهم ينقلني من فوق أحد أرفف الثلاجة الي أعمق أعماق الديب فريزر))

* * * * *
تجربة الطيران الأولي ليست بالضرورة أن تكون بمثل هذا السوء الذي توقعته , فلم اتخيل ان تكون بهذه السهولة والبساطة.ربما كانت الصعوبة في السفر وحدي وللمرة الاولي ولكن ليست في الطيران ذاته.

شعور جميل أن تنظر من فوق السحب لتري الأرض وهي تكاد تختفي من أسفل منك وأنت تعلو وتعلو فوق الارض وفوق السحاب, ورغم هذا الارتفاع فأنت لم ترتفع كثيرا عن الأرض.

القاهرة لا تختلف كثيرا ان نظرت اليها من فوق الارض او من فوق السحب , فالهواء الملوث بالأدخنة وعوادم السيارات وغيرها يحجب عنك رؤية اي شيء الا اللون الرمادي الذي يطغي علي أي لون اخر.

في مطار القاهرة سارت الامور بكل سلاسة ولكن لم تخل جولتي البسيطة به من بعض المضايقات والمعاكسات التي لم تشعرني الا برغبة حارة في مغادرة أرض المطار في أسرع وقت , وغير ذلك من الأشياء الخاصة بالنظام وعدم وضوح اللافتات وعدم وجود سلالم متحركة حيث تضطر اسفا لحمل حقائبك والصعود بها حملا علي كتفيك.

الغربة.. شعور ينتابك بمجرد ان تفارق أرض موطنك , بمجرد أن تسمع لغة اخري غير تلك التي تنطقها, بمجرد تعرضك لثقافة مختلفة غير تلك التي نشأت عليها , بمجرد أن يغيب عن ناظريك أوجه من تعرفهم جيدا وتري بدلا منها أوجه لم تألفها.

تجربة الترانزيت الأولي لم تكن هي الاخري بمثل هذ السوء الذي توقعته , فقد حالفني الحظ لتكون بمطار هيثرو (لندن) , مطار أحببت تواجدي فيه لساعات قليلة , فكل سبل راحتك تجدها هناك , ففيكفي انني لم أضطر لحمل حقيبة يدي واالصعود بها سلما واحدا , فاغلب السلالم هناك متحركة غير المصاعد التي تساعدك علي التنقل بأرض المطار بحرية وسهولة دون استفاذ طاقاتك.

لندن حين تراها من نافذة الطائرة تبدو وكأنها لوحة جميلة ابدع من رسمها , خطوط متوازية منظمة تفصل البيوت , اللون الأخضر الذي يغطي معظمها , فرق تستطيع ملاحظته بكل سهولة.

في رحلتي الثانية من لندن الي شيكاجو ادركت قيمة الكلام , قيمة التواصل بين البشر عن طريقه فانا لم انم لمدة تقترب من ال 24 ساعه قضيتهم وحدي بين السماء والأرض, وقتها ادركت معني أن تجد بجانبك من تتحدث معه , من يبادلك اطراف الحديث مهما كانت بساطة الكلمات فكم كنت في اشد الحاجة لمثل هذا الحديث , وقتها شعرت بمعني الغربة والوحدة وكم تمنيت لو عادت بي الطائرة من حيث اتيت , أفتقدت أهلي , أفتقدت أصدقائي , أفتقدت كل شيء و أفتقدت توأمي.

لم أستطع رؤية شيكاجو من الطائرة بوضوح فكنت قد وصلت اليها ليلا , فلم اتمكن الا من رؤية الأنوار فقط وان كنت قد استطعت ملاحظة النظام الذي وضعت به الأنوار لتبدو وكانها لوحة مضيئة.

في مطار شيكاغو الجميع يعاملك بود , يبتسم في وجهك , الموظفون يقابلونك بالترحاب ويعاملونك باحترام , شيء لم أجده في مطار بلدي.كان وجودي كفتاة مصرية مسلمة يدهش الجميع , فقد أكتشفت فيما بعد أن فكرتهم عن المصريين والمسلمين مختلفة تماما , وعلي الرغم من ذلك لم أجد الا أفضل معاملة كأي زائر اخر.

أذكر حين حاولت رفع حقائبي بعد فحصها وشعرت بثقلها فكدت تسقط مني , علق أحد الموظفين هناك بانني مصرية ومعروف عن المصريين أنهم أقوياء.

عندما خطوت خطواتي الأولي خارج مطار اوهير بشيكاغو , شعرت وقتها وكأن أحدهم ينقلني من فوق أحد أرفف الثلاجة الي أعمق أعماق الديب فريزر ,فقد علمت فيما بعد أن ذلك اليوم كانت درجة الحرارة انخفضت لدرجة لم تتعرض لها البلدة من سنوات مضت , وقد كانت المرة الأولي التي اتعرض فيها لدرجة حرارة تصل لحد التجمد.

من نافذة السيارة لم أري سوي الظلام وأشجار جافة علي جانبي الطريق , سيارات قليلة تسير في هدوء , اشارات مرور يحترمها الجميع علي الرغم من خلو الطريق امامهم , الطرق مخطوطة مقسمة الي حارات كل سيارة تلزم حارتها, أنظر في ساعتي لاجد الساعه لم تتعدي الثامنة مساء , أين البشر , أين الازدحام , أين أصوات الات التنبيه أين المارة الذين يعبرون الطريق فتصدمهم السيارات , أين أهالي البلدة , فاجائني الجواب "ناموا!!!!!!!!"

الجمعة، فبراير 20، 2009

اشتقت اليكما

بأعتذر عن تأخري في كتابة تدوينة 45 يوم في شيكاجو وباذن الله سوف أسجلها فور عودتي.
تدوينة اليوم ربما لها علاقة بسفري , فحين تبعد عن من هم أقرب اليك من نفسك , وحين تفتقد وجودك معهم وبجوارهم , وحين تشعر بحاجتهم اليك وانت بعيدا كل البعد , حينها فقط يتحول شوقك اليهم لنارا تأكل قلبك , ولكنها في النهاية خاطرة تحمل عاطفة كثيرون منا يحملونها بكل وقت وفي كل مكان تجاه من يستحقون منا كل الحب والحنان والاحترام , وربما لا يدرك البعض قيمة من يحبونهم الا بعد حين , وهناك من يعيشون ويموتون وهم لم يعلموا شيئا عن من احبوهم بصدق ومن اوصانا خالقنا بهم خيرا
لهما فقط سجلت هذه الكلمات
...
..
.
.
.

لي عينان

اشتاقتا كثيرا لرؤية عينيكما

اشتاقتا الي بسمتين جميلتين

أراهما في وجهيكما

رغم المسافة بيننا

في كل شيء حولي

دائما ألمحكما

لي قلب واحد أحمله

ولي قلبان حين رحلت

تركتهما معكما

قد كنت صغيرة في يوم

أضحك ألعب أجري أصرخ

كانت بسماتي هي الجنة

ودموعي نارا لا تبرد

تحرقكما

راعيتموني بكل حب

وكل همي حملتما

وجاء اليوم لكي أكون

أنا من يرعاكما

يا أجمل نعمة من ربي

قد وُجدت من قبل وجودي

لا يكفيني عُمري حَمدا

لله علي يوم واحد

أقضيه بين يديكما

يا أب وأم وأحبابي

يا كل الناس علي الأرض

يا من أفديهم بعيوني

وبقلبي وروحي ودمائي

في كل دعاء بصلاتي

أدعو الهي أن يرحمنا

ويمد في عمري

كي أفنيه لأجلكما

ويبارك في أعماركما

ومن أجلي يحفظكما

الاثنين، فبراير 16، 2009

اخر الاخبار

مر أكثر من شهر ونصف ولم أكتب حرفا واحدا بمدونتي , ولم أكتب تعليقا واحدا بأي مدونة أخري , اختفيت في ظروف غامضة بالنسبة اليكم ولكنها لم تكن غامضة بالفعل , في البداية امتنعت فترة عن التدوين لسببين ، السبب الأول كان أحداث غزة التي أصابتني بحالة من الصمت الفكري , السبب الثاني كان فترة الامتحانات والتي لم تكن مجرد فترة امتحانات ولكن كان انشغالي فيها أكثر باستعدادات السفر. ولم تتح لي الفرصة لكتابة أي موضوع جديد علي سنووايت أثناء سفري رغم الاف الأفكار التي نسجتها هذه الرحلة بعقلي , أفكار ليست بالجديدة ولكن كان الجديد فيها انني رأيتها ولمستها واستطعت مشاهدة نتائج تطبيقها بالفعل علي أرض الواقع. رحلتي القصيرة الي قارة أخري ومجتمع اخر أفادتني كثيرا والمتني كثير وأسعدتني كثيرا!!
..
.
.
انتظروا تدوينتي القادمة تحت عنوان
45
يوم في شيكاجو
..
.
شكرا جزيلا لكل من سأل عني في غيابي وعذرا عن انقطاعي عن زيارة مدوناتكم ولكن قريبا فور عودتي سأزوركم لمعرفة اخر ما كتبتموه وما فاتني مما كتبتموه.
...
..
.
تأخرت كثيرا في كتابة عزائي ولكني علمت في سفري خبر وفاة الفارس الملثم -رحمه الله وجعل مثواه الجنة- ألمني كثير أن يمر عام علي سنووايت وتفقد فيه صديق دائم وواحد كان من أفضل الأقلام التي قرأت لها وأكثرها احساسا. رحمك الله وجعل مثواك الجنة
امين.

الأحد، ديسمبر 28، 2008

انسان أنا مآساتي


لا أتحدث لكوني مسلمة مصرية فقط
بل لكوني إنســـــــــان
شاءت الأقدار أن يُولد في مثل هذا العالم المُظلم قلبا وقالبا
أن يستيقظ فزعا علي أخبار الحرب وضحاياها
وأن ينم علي انتحاب أهاليهم ليلا
لا أدري إلي متي يستمر نزيف الدماء؟!
إلي متي ستظل أجسادهم في إنتفاضاتها؟!

لا أدري لماذا تذكرت اليوم بداية الانتفاضة!
كنت أعود من مدرستي لأفتح التلفاز وأظل أبكي وأبكي
وأدعو الله أن يفرج عنهم وأن ينصرهم
كل ما كان يلهمني صبرا أنني علي يقين بأن حياتنا الدنيا ما هي الا أيام ثم نعود لخالقنا , فنُحاسب
ثم نذهب للدار الآخرة حيث الخلود
كنت أفرح من أجلهم
من أجل كل شهيد ضحي بحياته الدنيا من أجل حياته الآخرة
وكنت أُمني نفسي بيوم تُرد لنا كرامتنا
و أن ينتقم الله من كل ظالم شر انتقام
ليتوقف نزيف الدماء المستمر

كنت أحلم بلحظة واحدة فقط علي أرض الدنيا , لحظة سلام
لحظة يدرك فيها كل البشر أن مصيرنا واحد
وأننا كلنا بني آدم
وأننا كلنا الي الله
وانتظرت طويلا
ولم يتحقق الحلم , بل أراه يكاد ينقلب كابوسا كلما مر الوقت

و لكنني لازلت أحلم
وسأظل
وأدعو الله أن أعيش هذه اللحظة في الدنيا

لا أملك الا الدعاء
رغم إيماني بأن الله عليم ومُطلّع
وقادر علي أن يبطش بهم بطشة تخسف بهم الأرض في لحظة
ولكنها اختبارات الدنيا التي قدر لنا أن نمر بها ليؤدي كل منا دوره في الحياة
الي أن يشاء الله ويكتب لنا نصراً عظيماً

مصيبتنا أن كل منا ينتظر أن يؤدي الآخر دوره
والكل ينظر في صمت ينتظر صاعقة من السماء أو طيراً أبابيلاً تقضي عليهم
أو طوفان يغرقهم كما أغرق الله فرعون وأتباعه في اليم.
ولكن للأسف الشديد فقد ولّي عصر المعجزات , وجاء دورنا , فماذا نحن فاعلون؟!

اللهم اكتب لنا نصراً قريباً
اللهم ألهمنا وإياهم صبراً جميلاً

انسان أنا
وتلك هي مآساتي
لا بيت لي ولا وطن
ولا مكان
فكل أرض يدخلوها
وكل وطن يهدمونه
و بأيديهم
كل إنسان يُهان
انسان أنا
وتلك هي مآساتي
فكيف أنام علي كفّي ابليس
وكيف أعيش
في فم وحش جعان؟!

الأربعاء، ديسمبر 24، 2008

الصُمود تحت المطر


تستيقظ علي صوت نقرات خارج نافذتها الخشبية , تلقي الغطاء في عجلة وتهرول تجاه النافذة , تزيح الستار وتدعك عينيها في محاولة لازالة آثار ليلة طويلة من الأحلام المزعجة.
تنظر من خلف الزجاج لتري حبات المطر وهي تصطدم بزجاج النافذة وكأنها تستغيث بها كي تفتح نافذتها لتدخل وتنعم ببعض الدفء. تمد بصرها قليلا لتشاهد أعدادا من البشر يجرون يمينا ويسارا محاولين الاختباء والتستر من الأمطار المنهمرة فوق رؤسهم. تبتسم.. تنظر الي الشجرة المقابلة لمنزلها , تحاول البحث عن أي عصفور من أصدقائها فلا تجد , فجميعهم قد اختبئوا بين الأوراق كي تمنع عنهم قطرات المطر المتساقطة. تضحك.. ترفع عينيها الي السماء الملبدة بالغيوم , والتي تصدر أصوات الرعد من فوقها وكأنها تعلن عن وجودها , فتبتسم من جديد , يفاجئها بريق من البرق فتبتعد عن النافذة فجأة ثم تضحك من ردة فعلها القلقة.
..
فتحت زجاج النافذة ليفاجيء رئتيها الهواء البارد المحمل بقطرات باردة أصابتها برعشة خفيفة , أغمضت عينيها ومدت يدها لتلمس حبات المطر في سعادة , وهي تستمتع بتلك الرائحة التي تعشقها منذ طفولتها , رائحة امتزاج الماء بالتراب وبرودة الهواء, وكأنها رسالة من السماء لكل انسان علي وجه الأرض لتذكره بأصله الذي انحدر منه. صوت الرعد وأضواء البرق تشعرها بمزيج من الرهبة والسعادة , فها هي أبواب السماء تفتح لاستقبال دعواتها.
.
ما كل هذا القلق والخوف الذي ينتاب العالم حين تمطر, الكل يختبيء , الكل يحتمي , تعجبت من كل ما رأت وسخرت منه . هي لا تستسلم أبدا , ولا يعني أنها أمطرت أن تجلس حبيسة المنزل , لا شيء يمنعها أبدا , هذه هي وهكذا قررت أن تكون منذ زمن بعيد.


تركت نافذتها , واتجهت الي دولاب ملابسها , ارتدت ثيابا ثقيلة ولم تنس تلك الكوفية المفضلة لديها , الناعمة كفراء الهررة , وأخيرا وضعت معطفها الطويل الثقيل , وخرجت من منزلها.

أمام الباب وقفت تنظر لأرض الشارع التي تحولت لأرض طينية يرتفع فوقها الماء بضع سنتيمترات. نظرت الي حذائها ذو الكعب المرتفع محاولة طمأنة نفسها ثم خطت خطوتها الأولي في حذر محاولة تجنب الانزلاق علي الأرض الغارقة , خطوة فاثنتان فثلاث فأربع.. الي أن انزلقت قدمها , فاختل توازنها وسقطت علي الأرض وابتلت ملابسها ولطخها الطين , تأوهت آهة يخالطها مزيج من البهجة والسخرية من نفسها ومما تفعل.


قامت من الأرض وهذه المرة سارت بخطوات غير مبالية , خطوات أكثر ثباتا وأكثر عنادا ,أكثر اصرارا علي المضي في طريقها , والسير تحت زخات المطر.
اتجهت الي أقرب متجر , ودخلت لتبتاع حلوي الآيس كريم المثلجة التي تعشقها , نظر اليها كل من بالمتجر في ذهول وتعجب , فمن هذه فاقدة العقل التي تبتاع حلوي مثلجة في يوم ممطر وبارد كهذا؟! لم تبال بنظراتهم ,حملت الحلوي وسارت تحت الأمطار تنقرها وهي غير مبالية. الي أن وصلت لأحد المقاعد فذهبت لتجلس وتأكل الحلوي المثلجة.


بجوارها جلست فتاة صغيرة تحتمي من الأمطار, وما أن رأتها تفعل ما تفعل حتي نظرت اليها في تعجب كالآخرين. نظرت هي الي الفتاة وتبتسمت لها ثم سألتها أن تشاركها أكل الحلوي المثلجة , شكرتها الفتاة الصغيرة وهي تعتذر لها فالجو بارد جدا وتخشي أن تصاب بالبرد ثم عرضت عليها بعضا من شراب الشكولاتة الدافيء الذي كانت تحمله بيديها, فاعتذرت لها بابتسامة وأخبرتها أنها تفضل حلوي الآيس كريم المثلجة.
.
تعجبت الفتاة الصغيرة مرة اخري ثم سألتها كيف تأكلها هي؟ مرة أخري ابتسمت لها ثم أخبرتها بأن هذا هو الوقت المفضل لديها لأكل حلوي الآيس كريم , وعندما أشارت لها الفتاة بعدم فهم السبب , أجابتها بأنها تكره الاستسلام, ولما لم تفهم الفتاة علاقة ذلك بالأمر, حاولت الايضاح أكثر فأخبرتها أن حلوي الايس كريم المثلجة تحتفظ بقوامها المميز في الشتاء فقط حيث الجو البارد , وتذوب انهيارا في الصيف حيث الحرارة التي تذيبها رغما عنها فما يكون منها الا أن تتخلي عن قوامها المميز وتتحول لمادة سائلة فقدت خواصها المميزة مثلها مثل أي شيء يرضخ لما يتعرض له من ضغوط كمشروب الشكولاتة الدافيء الذي بيدها والذي سرعان ما سيفقد دفئه ويتحول لمشروب بارد كبرودة الطقس من حوله.


نظرت اليها الفتاة الصغيرة وعلامات الاستفهام تحيطها من كل جانب , وهي تبتسم من عدم استيعاب الفتاة لما تقول , فهي لم تفهم بعد السر في أن يحتفظ الشيء بقوامه أو بدفئه . نظرت اليها محاولة طمأنتها وأخبرتها أنها عندما تكبر قليلا ستدرك أهمية أن تحتفظ الأشياء بخصائصها المميزة رغم ما تتعرض له من حولها.


..تمت..

الاثنين، ديسمبر 22، 2008

قدرٌ هو!


لطالما أطلقتُ سراحَ قلبي
دون أن يَدري
لينطلق باحثا بين القلوب
عن قلبٍ ينبِض مِن أجله
.
ليعود لي في نهايةِ كل يوم
يجُر أذيالَ الخيبة
مُعتذرا لي عن مُحاولاته البائسة للهرب
راجياً إياي بحبسِه مرة أخري
.
وبرَدّ حماقاته كلما فكر في المحاولة
ليغفو ليلاً علي فِراشِ اليأس
مُتقلباً عن اليمينِ وعن اليسار
علي أصوات نحيبِه وآناتِه
~ ~ ~ ~

فتفيقُ من غَفوتها رُّوحي
لتُنصت إليه وتتألمُ مِن أجله
وتُحاول طمأنته فتُخبره بأمل
بأنها ستقوم بالبحث بدلا عَنه
.
فتنطلق ليلاً باحثة بين الأرواح الهائمة
عن روحٍ , يحمِلُها جسد , يسكنه قلب
كذلك الذي بحث عنه قلبي في الصباح
تدور باحثة وتأخذ جَولتها
تُصادف مَن تُصادف , وتُفارق مَن تُفارق
.
لتعود لي عند شروق الشمسِ
بحُلـــــــــم قد شَارف علي الغروب
تنظر لقلبي بعينين حزينتين
ثم تستلقي بجواره في انكسار وخجل
~ ~ ~ ~

ويوم حَبست قلبي بين ضلوعه
وسَجنت رُوحي بجسدي
ودفنت حُلمي بالأعماقِ
وهَممت بِغلق أبوابي
.
وَجدت قلبا حائرا ضَلّ طريقه
يطرُق بابي
تحمله روحٌ هائمة أعياها البحث
وعندما سمحت لهما بالمرورِ من بابي
تسلل معهما شُعاع من أمل
ليُذيب جليدا قد تراكم فوق باب الحب
.
ولينتشر عطر الحياة بداخلي
ليُوقظ قلبي ويُكفكف دمعاته
فينبِض للمرة الأولي
وليَرسم البسمات بروحي
فتحيا للمرة الأولي
ولأعيش أنا عُمري
للمرةِ الأولي..
~ ~ ~

الخميس، ديسمبر 18، 2008

خطوط متوازية

الخطوط المتوازية لا تلتقي أبداً
واذا حاولنا يوما بتقريبها أو حتي بوضعها متطابقة
فممن الممكن أن تكون النهاية خط واحد مكون من خطين متوازيين
ربما نراهم وحدة واحدة وخط واحد ولكنهما سيظلا خطين متوازيين
لن يري أيا منهما الخط الآخر أبداً
ليس مُهما أن نلتقي.. بقدر ما هو مُهم أن نتلاقي
ليس مهما أن ننظر في اتجاه واحد بقدر ما هو مهم أن يري كل منا الآخر
.

(1)

جلست في ذلك المقهي
المدعو "قلبك"
لأتناول مشروبا دافئا
فأجابني النادل بالاعتذار:
عفوا سيدتي..
فهنا لا تُقدم سوي
مشروبات بـــــــــاردة!

(2)

عندما هممت بقطف زهرة
جميلة الشكل
من بستان حبك..
جرحتني الأشواك
بلا أدني رحمة
ولم أهتم..
ثم اكتشفت أيضاً أنها
بلا أ د نـــــ ـي رائحة

(3)

بعد ان اشتعل الغضب نارا
وانطفأ الحب رمادا بيننا
أتُري تفيدنا كــــــــل أعواد الثقاب؟!

(4)

سِرت أنت في طريق "اللا"
وسِرت أنا في طريق "النعم"
الي أن التقينا أخيرا
عند بوابة المستحــــــــــــيل!

(5)

كلما حاولت الابحار بزورق أحلامي
في بحرِ حُبك
تقاذفتني الأمواج فيما بينها
وألقتني بعيدا
لأجدني مرة أُخري وحيدة
علي رمال شاطيء
جزيرة الأحــــــــــــزان

(6)

كبحر غادر ثائر الأمواج
كنت أنت!
كسمكة ملقاة علي الرمال
في نزاعها الأخير
تركتني أنــــــــــا!

الأحد، ديسمبر 14، 2008

ما بين سُلطان و ملِك!


أتمدد علي فراشي لاستحضار ذلك المسمي بالسلطان -النوم-.
أحاول تنقية عقلي من كل أفكاره , احداث اليوم , وتساؤلاتي عن الغد ,أهلي , أصدقائي, أعمالي..
فأجدها جميعا تتطاير واحدة تلو الأخري
تتطاير جميعها حتي لايبقي بعقلي سواك , تأبي أن تختبيء لحظة.
يتكرر الشريط اليومي الذي لا أملّه أبدا منذ يوم التقيتك وحتي هذه اللحظة , تختلف لقطاته وتتميز كل منها وان كانت تتشابه جميعها في شيء واحد أنها أسعد أوقاتي.

ها هو قد وضع أولي خطواته بغرفتي, فها هما جَفنيّ قد بدءا في التهاوي شيئا فشيئا حتي كادا يتلامسا.
أحاول استبعاد جميع الافكار والتركيز في شيء واحد
"سأنـــــــــــــــام"
ولازلت مصرا انت علي التشبث بجميع خيوط أفكاري
لا أدري ماذا أفعل بك؟!

أحاول الهرب , أحاول استحضار يوم واحد قبلك , فلا أذكر , لا أذكر الا أيامي معك وكأن ما قبلك قم تم محوه من ذاكرتي للأبد, عنيد انت , تصر علي الظهور مجددا
تبدأ صورتك في الوضوح من جديد لتطغي علي كل ما بعقلي ولتظللني كسحابة بيضاء.

ها أنا بين الحلم والواقع
لا أري ما حولي وان كنت أشعر به.
لحظة..
تتوقف الأفكار
. . . .
سأغط في نوم عميــــــــق
أ خـــ يــــ ر اً
أغلق عينيّ.
.
أحدهم يقترب.. أشعر بوجوده وأسمع صوت أنفاسه
يقترب أكثر ويميل نحوي
يهمس في أذني بكلمة
, , , ,
أبتسم.. وأستسلم للسلطان في سعادة وأروح في نومي
وأنا أراك.

الخميس، ديسمبر 11، 2008

كي لا تذبل زهرتي



القطار يسير فوق قضبانه البلاستيكية محدثا أصواتاً يتردد صداها في أرجاء الغرفة.لا أدري السر في عشق طفلي لهذا القطار الذي كنت قد أهديته له مؤخرا في حفل يوم ميلاده الأخير ,ابتعته له حتي يجد ما يسليه بالمنزل أثناء غيابي عنه في عملي خاصة وأن والده يعمل في الخارج وانا هنا وحدي معه.

لم يعد يهتم بألعابه الأخري ولم يعد يلق بالا لأي لعبة جديدة فقد اكتفي بالقطار.وها هو يجلس منزويا كعادته في أحد أركان المنزل يتأمله وهو يدور سريعا فوق قضبانه في صمت رهيب.

قررت اليوم مشاركته وحدته , اقتربت منه في هدوء شديد كي لا أقطع عليه خلوته ثم جلست بجواره علي أرض الغرفة. لم يلتفت هو اليّ فقد كان غارقا في تأملاته.حاولت قطع صمتنا وخلق حديث بيننا

فسألته:الي أين يتجه القطار يا نادر؟

أجابني دون أن يرفع عينيه من علي القطار:لا يتجه الي أي مكان , فهو يدور دورته ويعود مرة أخري لنفس المكان ليبدأ في الدوران من جديد.

حاولت معرفة ما يدور بذهنه فاستطردت حديثي:ولكنه لا يمل أبدا أليس كذلك؟

أجابني في ضيق:بالطبع هو يمل ولكنه ليس لديه طريق اخر فهو يدور ويدور ويدور.

حاولت مداعبته لتخفيف حدة الموقف قائلة:وكيف يمل وهو يشاركك وقتك يا نادر؟ أنا أحسده علي صداقتك فأنت تقضي معه وقت أطول مما تقضيه معي.

التفت الي وأجابني بعينين حزينتين:هو الاخر ملّ مني مثلما فعلتي أنتي ومثلما مللت أنا من كل شيء, هو يسير وحيدا مثلي ليس لديه أصدقاء سواي.

نظرت اليه في أسي وشعرت بعبرة تترقرق في عيني , الان فقط عرفت سر تعلقه بالقطار وسر عزلته. اقتربت منه ومددت اليه ذراعيّ لأحتضنه بينهما ورحنا في عناق طويل وأنا أعده بنزهة خارج المنزل و بألا أتركه وحده حبيس المنزل أبداً.

الأطفال كالزهور تعيش بالحدائق لكي تتفتح يجب تعريضها لأشعه الشمس ومدها بالهواء المتجدد.
____